عن نبيل قسيس

تعلمت العزف على آلة القانون على أيدي الأساتذة صافي زينب وحسان تناري رحمهما الله والقواعد النظرية الشرقية على يد الأستاذ نوري اسكندر .

_ عضوا في نقابة الفنانين منذ عام 1994 .

_ أستاذ في عدة معاهد في حلب لتدريس العزف على آلة القانون .

_ رئيس الفرقة الأنف ذكرها 

_  في مجال العزف عملت مع معظم المطربين المحلين أمثال صبري مدلل أديب الدايخ , شادي جميل و الياس
   كرم ..... ومع غير السورين  أمثال عبد الكريم شعار والمطربة فاديا نجم ومعين شريف .... وحاليا أنا أعزف مع
 
  السيدة ماجدة الرومي في فرقة الربيع بقيادة المايسترو أسعد خوري


وتم تأسيس فرقة موسيقية نتيجة تجمعات نخبة من الموسيقيين والمطربين في ورشتي المتواضعة لصناعة آلة القانون,وذلك منذ أكثر من عشر سنوات.
 

وكانت الأصالة والتراث العظيم والبحث عن اللحن الأساسي والكلمات الصحيحة هو شغلنا الشاغل , وولعنا الحقيقي , وكنا لا نألو جهدا في سؤال الأعلام والأشخاص الأكبر منا سنا وعلما  , وكنا نمارس بعض القوالب الآلية الموسيقية الجميلة , ونعمل على تنسيقها وعزفها بروح الشباب المتقد والمتحمس حتى باتت ورشتي مكانا للاستماع كل ما هو نفيس من الأعمال القديمة المعروفة والنادرة , وتبادل التسجيلات النادرة بين الموسيقيين , ومناقشتها ومن ثم عزفها على أصولها  , وكانت جلساتنا تستمر حتى الصباح دون الشعور بمرور الوقت .

 

 
كل مشروع يبدأ بفكرة وكل هدف يتحقق بخطوة ، وفكرة تصنيع آلة القانون كانت فكرة بعيدة وغائبة . وهدفي كان دراسة موسيقى وإتقان العزف على أهم وأجمل أعمدة الموسيقى الشرقية وهي آلة القانون .
وبدأت القصة وأنا في الحادية عشر من عمري عندما اشترى لي والد\ي قانوناً محلياً (صناعة حلب) وبدأت بالتمرين ودراسة المقامات الموسيقية وواجهت عقبات عديدة متمثلة بالقانون الذي كنت أملكه . فلاحظت وجود أخطاء كثيرة منها :
1- الخشب غير المعالج يعاني من التشقق .
2- ماكينة القانون لم تكن صحيحة التركيب مما أدى إلى إعطاء نغمات ومقامات ركيكة غير صحيحة (نشاز)
3- الأبعاد غير المدروسة أدّت إلى صعوبة في العزف .
بالإضافة إلى عدم وجود أي دقة في صناعة هذه الآلة إلى حدّ ما من الناحية التقنية والجمالية . فصوتها كان عبارة عن وتر من النايلون المشدود على قطعة خشب خالٍ من الرنين الناعم والحنان الموسيقي .
وبعد المعاناة بدأت أطالب أبي بشراء آلة جديدة لي ، فوقعنا في حيرة . فالقانون المصري مصنّع في مناخ حار يتأثر بالمناخ المعتدل في سورية مما يؤثر على معالمه . والقانون التركي مصنّع في مناخ بارد ونسبة رطوبة عالية فيتأثر الخشب باختلاف درجات الحرارة فيتشقق. وهنا وُضعت في زاوية مظلمة وحُكِمَ عليَّ بالأمر الواقع والاقتناع بما وُجد في حلب من قوانين محلية سيئة الصنع نسبياً .

وهنا بدأت فكرة المشروع بتصليح آلتي ، وأنا لم أبلغ الرابعة عشر من عمري ، فكانت مغامرة جريئة أدواتها بسيطة (أدوات نجارة متواضعة ) . كانت فكرة مليئة بالتصميم الداخلي والاستهزاء من الأهل والأصدقاء وتوقع الفشل في أية لحظة .وبمساعدة جاري النجار وخبرتي المتواضعة مع الخشب وإشراف أستاذي صافي زينب ، استطعت إصلاح آلتي وأصبحت بحالة أفضل نوعاً ما . ولكنني لم أستطع إشباع رغبة كامنة فيَّ وهي صنع قانون جديد لي أراعي فيه شروطاً كثيرة كالمقاييس ونوعية الخشب والجلد ... كل هذه تلعب دوراً هاماً في صناعة القوانين . فصانعو هذه الآلة يعتمدون على أنواع خشب رديئة ويضعون جلد الماعز بدلاً من جلد السمك المصري الصعيدي (جلد الدقماق) مما يؤدي إلى إعطاء صوتاً عريضاً جرشاً خالياً من النعومة والحنان الموسيقي .

فعدت إلى صناعة قانون جديد بمساعدة النجار جاري وبمشورة أستاذي ، فتوصلت إلى آلة جديدة أفضل من التي كنت أملكها . وأثناء زيارة أحد العازفين لبيتي أُعجِبَ بالقانون القديم المصلّح فعرض عليَّ شراءه فلم أعارض لأنه وبهذه الحالة تتوفر لديّ السيولة المادية الكافية لتصنيع آلة جديدة متطورة أكثر . وهكذا بعت القانون الأول ، وبعد فترة القانون الثاني وبدأت بصناعة قانون جديد .

وهذه المرحلة كانت مهمة ، فأنا عازف قانون متمكّن من العزف وعملت مع العديد من المطربين أمثال شادي جميل ، الياس كرم ، عصمت رشيد ، صبري مدلل ، أديب الدايخ ... وشاركت في العديد من المهرجانات المحلية وسجلت العديد من البرامج الفضائية ، مما أكسبني خبرة عالية ساعدتني على اكتشاف نقاط ضعف هذه الآلة وأنا أتفاداها ، علماً أن معظم صانعي القانون في حلب وفي دول أخرى ليسوا عازفين ، فتبقى نتائج أعمالهم بدون تطوير .

وبعدها تعرّفت على الأستاذ حسّان تناري الذي اشترى قانوناً صنعته له خصيصاً ، ومن فرط إعجابه بالقانون الجديد كافأني بمنحي دروساً خاصة لصقل موهبتي في العزف على القانون علماً أنه في هذه الأثناء كان معتزلاً عن التدريس .
وفي العام 1994 كنت في الثامنة عشر من عمري انتسبت إلى نقابة الفنانين وأخذت العضوية وبدأت بتدريس آلة القانون في معهد حلب للموسيقى العربية . وفي الفترة التي تتراوح بين العام 1996 – 1999 صنعت العديد من القوانين فاقتناها كبار العازفين أمثال محي الدين غالي ، جلال جوبي ، مروان مشو ، ووصلت صناعتي إلى فرنسا وألمانيا وأمريكا ، واقتنى العديد من طلاب المعهد العالي للموسيقى آلات من صناعتي . كان تطوير الآلة هو هدفي الأساسي مع المحافظة على هيئة الآلة وطابعها الخاص . واحترافي للعزف ودراستي في المعهد العالي للإلكترونيات مدة سنتين توصلت من خلالها إلى قياسا جديدة موحّدة غير موجودة في جميع القوانين المتوفرة في الأسواق . فأعطت هذه المقاييس سهولة في العزف وجمال في الصوت وثبات في الدوزان وميزات كثيرة جداً لا تحصى .


المواد الأولية:
آلة القانون تدخل فيها مجموعة متنوعة من المواد الأولية تنقسم إلى :

1) الأخشاب
أ‌- خشب الجوز الأفريقي والتركي المعالج في أمريكا
ب‌- خشب الأكاجور أيضاً المعالج في ألمانيا
ت‌- خشب الكندي كلير
ث‌- خشب الزان الروماني
ج‌- خشب ورد وبليكساندر وأبانوس في التطعيم والتدعيم والتجميل
ح‌- خشب الطنوب المأخوذ من بعض المنازل القديمة

2) صدف بحري: صدف بحري مستخرج من البحر الأحمر ومقطّع بأشكال هندسية يدخل في آلة القانون لإعطائها طابع جميل
 
3) موزاييك شامي: يدخل الموزاييك في آلة القانون وفي بعض الأماكن لإعطائه رونقاً جميلاً والدلالة على مكان الصنع سورية التي هي الأولى في الموزاييك

4) عاج الفيل: يُخرط بشكل مخاريط صغير ويدخل في أصابع الدوزان يعطيها رونقاً جميلاً جداً

5) عاج صناعي: يدخل في بعض الأماكن التي لا نستطيع إدخال عاج الفيل إليها

6) جلد السمك الصعيدي (الدقماق): هذا الجلد هو جلد سمك نهري مستخرج من نهر النيل فقط، وفي منطقة الصعيد (الجنوب) ونحن نأخذ جلدة السمك الذكر والبياض منها (أي منطقة العمود الفقري للسمكة) التي تعطي متانة أكبر ورنيناً أكثر وثباتاً في الدوزان كبيراً

7) النحاس: وهو المادة التي تُصنع منها العربات التي نستعملها في التنقّل بين المقامات

8) الأوتار: وهي من شركة سافارس المعدّة للعود لكن الآن في طور التعامل مع شركة لابيلا التي قدّمت عروضاً جيدة

9) دهان القانون: وهو مادة الكومالاكا والسبيرتو (الكحول) ، وهذه المادة هي مادة عضوية لا تؤثر على الصوت ، بل فقط لحماية الآلة من الرطوبة وإعطائه لوناً جميلاً وهي تطلى بواسطة القطن وبالدلك اليدوي مع السبيرتو .

10) الغراء: هو غراء أحمر داكن اللون صنع ألمانيا مستخلص من عظام الحيوانات ومواد عضوية أخرى ، يستعمل عن طريق التسخين . وهذا الغراء لا يؤثر على صوت الآلة لأنه لا يحوي مواداً بلاستيكية .